![]() |
مايكروسوفت تنفي دعمها العسكري لإسرائيل
منذ اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس في غزة تفجرت موجة من الغضب الشعبي والاحتجاجات داخل شركات التكنولوجيا الكبرى وعلى رأسها مايكروسوفت اتهامات متزايدة وهاشتاغات تملأ تويتر تطالب بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل لكن الشركة العملاقة خرجت أخيرًا بتقرير داخلي تنفي فيه وجود أي دعم مباشر للعمليات العسكرية ومع ذلك لم تهدأ العاصفة بل بدا أن الجدل دخل مرحلة أعمق وأكثر تعقيدًا
تحقيق داخلي ينتهي بلا شيء
في بيان رسمي أعلنت مايكروسوفت أنها أجرت تحقيقًا داخليًا شاملًا بعد تصاعد الضغط من موظفين ونشطاء حقوقيين خلص إلى عدم وجود أي أدلة على تقديم الشركة دعم عسكري مباشر لإسرائيل وأكدت أن علاقتها مع وزارة الدفاع الإسرائيلية تندرج ضمن خدمات سحابية وأمن رقمي مثل أي عقد حكومي آخر في العالم
قد يبدو هذا كافيًا لإنهاء القضية لكن الحقيقة الواقع مختلف تمامًا
الحجة لا تقنع الجميع
على الرغم من أن مايكروسوفت حاولت اعتماد لغة قانونية دقيقة ومطمئنة فإن كثيرين لم يقتنعوا ربما لأن الثقة اليوم أصبحت عملة نادرة في عالم الشركات العملاقة حتى داخل أروقة مايكروسوفت نفسها تسربت أنباء عن موظفين مستائين شعروا بأن نتائج التحقيق جاءت لتغلق الملف لا لتفتح باب المحاسبة
أحد المهندسين الذين تحدثت معهم وطلب عدم ذكر اسمه قال لي المشكلة مش بس في الدعم المباشر الفكرة إنك بتبيع خدمات لجهة معروفة أنها جزء من آلة عسكرية فكيف تقدر تفصل بين استخدام مدني وعسكري لما بتبيع لتلك المؤسسات
التاريخ لا ينسى
تاريخ مايكروسوفت مع الحكومات ليس جديدًا سواء في الولايات المتحدة أو خارجها في 2019 مثلًا واجهت الشركة انتقادات بسبب عقدها مع وزارة الدفاع الأمريكية ضمن مشروع JEDI وهو مشروع حوسبة سحابية لدعم العمليات العسكرية صحيح أن المشروع ألغي لاحقًا لكن الشعور بعدم الارتياح بقي
تخيل الآن تكرار السيناريو مع دولة في قلب نزاع دموي ومع استخدام واسع للتكنولوجيا في المراقبة والتعقب وتحديد الأهداف وقتها يصبح تقديم خدمة تقنية فعلًا سياسيًا أكثر من كونه خيارًا تجاريًا
قصة من الداخل
أحكي لكم عن صديقي عمر مهندس فلسطيني يعمل في إحدى شركات التقنية في أوروبا في جلسة قهوة عادية قبل أيام قال لي أخوي الصغير استهدف بطائرة بدون طيار في غزة الموضوع مش نظري بالنسبة لي لما بسمع إن فيه شركة مثل مايكروسوفت بتبيع خدمات لسلاح الجو الإسرائيلي الموضوع بيصير شخصي
كلام عمر خلاني أعيد النظر في طريقة تفكيري أحيانًا نحن من يعيش خارج مناطق النزاع نميل لرؤية الأمور كمجرد أخبار لكن بالنسبة للناس اللي عايشة هناك كل خبر ممكن يساوي حياة أو موت
هل التكنولوجيا بريئة
في هذا الزمن التكنولوجيا مش مجرد أداة بل لاعب رئيسي في الحروب الحديثة الذكاء الاصطناعي التعرف على الوجوه تحليل البيانات كلها تقنيات تستخدم فعليًا في تعقب أهداف تحديد أنماط سلوك بل وحتى اتخاذ قرارات قتالية
إذاً حين تقول شركة كبرى مثل مايكروسوفت إنها لا تقدم دعمًا عسكريًا مباشرًا السؤال الحقيقي هو هل يمكن لأي شركة تقنية اليوم أن تفصل نفسها تمامًا عن الاستخدامات العسكرية لتقنياتها
أكاد أجزم أن الجواب لا
تواطؤ غير معلن أم مجرد تجارة
من وجهة نظر قانونية من حق أي شركة أن تتعاقد مع جهات حكومية ما لم يكن هناك حظر قانوني لكن من وجهة نظر أخلاقية القصة أكثر تعقيدًا لأنك قد لا تضغط على الزناد لكنك ربما تكون من وفر الذخيرة الرقمية
العديد من المنظمات الحقوقية ترى أن تقديم خدمات سحابية أو تطوير أدوات ذكاء اصطناعي لمؤسسات عسكرية هو مشاركة غير مباشرة في أي ضرر ينتج عن استخدامها قد لا يكون ذلك تواطؤًا صريحًا لكنه ليس بريئًا تمامًا أيضًا
ازدواجية المعايير هل تطبق
واحدة من الإشكاليات الكبرى في سرديات الشركات الغربية أنها تعلن دائمًا دعمها لحقوق الإنسان المساواة والعدالة لكن حين تصل الأمور إلى فلسطين تبدأ تلك المبادئ بالتلاشي مايكروسوفت مثلها مثل غيرها تواجه اختبارًا حقيقيًا اليوم هل تلتزم بنفس القيم التي تروج لها في إعلاناتها الجميلة
أنا شخصيًا بدأت أفقد الثقة في هذه الشعارات لأن الواقع يظهر أن المصلحة التجارية أقوى من أي شعار أخلاقي
لماذا لا ينتهي هذا الجدل
ببساطة لأن الحرب لم تنته ولأن الألم ما زال حيًا مايكروسوفت ربما تكون أنهت التحقيق لكن الشارع لم يقنع والمظاهرات الرقمية لا تزال مستمرة
منصات مثل X تويتر سابقًا تشهد حملات تطالب بمقاطعة منتجات مايكروسوفت بينما تعج مجموعات GitHub برسائل احتجاج كتبها مبرمجون عرب وغربيون على حد سواء
محركات البحث لا تنسى
دعونا لا ننسى أن هذه القضايا تبقى محفوظة في ذاكرة الإنترنت كل مقال كل تغريدة كل وسم يظل يطفو في محركات البحث كلما عاد الجدل للظهور لهذا محاولة الشركات إغلاق الملفات ببيانات رسمية لا تكفي دائمًا أحيانًا الحقيقة تظل تطاردهم
بين الرؤية والواقع
هل تستطيع مايكروسوفت أن تظل على الحياد في عالم لا يعرف الحياد السؤال مفتوح والإجابة ليست سهلة لكن إن أرادت فعلًا أن تكون قوة للخير كما تزعم فعليها أن تتصرف بشفافية حقيقية لا مجرد تحقيق داخلي في غرف مغلقة
في الختام موقفي الشخصي
أنا لا أملك كل المعلومات لا أدعي أن لدي القدرة على إثبات ما تخفيه الخوادم أو العقود لكن ما أعرفه يقينًا هو أن الشركات مثل مايكروسوفت لا يمكنها أن تدعي البراءة المطلقة ما دامت تسوق تقنياتها لمنظومات عسكرية في مناطق نزاع
ربما لا تملك مايكروسوفت أدلة على دعمها العسكري لكن الناس تملك مشاعر وذكريات وقصص فقد وهذه الأشياء لا تحتاج لتحقيق داخلي كي تكون حقيقية
الاسالة شائعة
هل قدمت مايكروسوفت دعمًا عسكريًا مباشرًا لإسرائيل؟
لا وفقًا لتحقيق داخلي أجرته الشركة لم تجد مايكروسوفت أي دليل على تقديم دعم عسكري مباشر لإسرائيل وذكرت أن تعاملاتها مع وزارة الدفاع الإسرائيلية تتعلق بخدمات سحابية وأمن رقمي فقط.
لماذا يرفض البعض نتائج تحقيق مايكروسوفت؟
كثيرون يرون أن التحقيق الداخلي لا يكفي ويعتقدون أن العلاقة مع جهات عسكرية حتى عبر خدمات تقنية تمثل مشاركة غير مباشرة في العمليات العسكرية.
ما طبيعة الخدمات التي تقدمها مايكروسوفت لإسرائيل؟
حسب تصريحات الشركة فإن الخدمات تشمل البنية السحابية وتحليلات البيانات، والأمن السيبراني وهي خدمات مشابهة لتلك التي تقدمها لحكومات أخرى حول العالم.
هل هناك سوابق لمايكروسوفت في التعاون مع مؤسسات عسكرية؟
نعم سبق وأن تعاقدت مايكروسوفت مع وزارة الدفاع الأمريكية ضمن مشروع JEDI الذي أثار أيضًا انتقادات واسعة قبل أن يُلغى لاحقًا.
ما علاقة التكنولوجيا بالصراعات العسكرية؟
التكنولوجيا أصبحت عنصرًا محوريًا في الحروب الحديثة من خلال أدوات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعرف على الوجوه مما يجعل أي تعاون تقني مع مؤسسات عسكرية موضع جدل أخلاقي.