![]() |
في ساحة القضاء الأمريكية وبين وثائق تصل إلى آلاف الصفحات
في ساحة القضاء الأمريكية وبين وثائق تصل إلى آلاف الصفحات وخبراء اقتصاد يتجادلون على شاشات المحاكم جوجل تستأنف حكمًا ضدها في قضية احتكار تاريخية لكن هذه المعركة ليست مجرد صراع قضائي عابر بل صراع على مستقبل الإنترنت على من يقرر ما يظهر لك عندما تبحث وعلى ما إذا كان بوسع المنافسة أن تزدهر حقًا في عالم تسيطر عليه الخوارزميات
ما القصة؟ خلفية سريعة على القضية
في أكتوبر 2023 قضت المحكمة الفيدرالية الأمريكية بأن جوجل أساءت استخدام موقعها المهيمن على سوق البحث للإضرار بالمنافسة جاء الحكم استجابة لدعوى رفعتها وزارة العدل الأمريكية اتهمت فيها الشركة باتباع ممارسات غير قانونية لإبقاء محرك البحث الخاص بها مسيطرًا بما في ذلك
- صفقات حصرية مع شركات الهواتف لجعل Google Search هو محرك البحث الافتراضي
- صعوبة تغيير المحرك الافتراضي من قبل المستخدم
- استخدام البيانات المجمعة لتكريس هيمنتها بما يعوق محركات بحث ناشئة مثل DuckDuckGo أو Ecosia
الحكم لم يصل إلى حد تفكيك الشركة لكنه يفتح الباب أمام تغييرات كبرى قد تفرضها الحكومة على الطريقة التي تعمل بها جوجل
لماذا تستأنف جوجل؟ وما الذي تراهن عليه؟
لم تنتظر الشركة طويلًا بعد صدور الحكم أعلنت في بيان مقتضب لكنه محمّل بالمعاني أنها ستستأنف القرار أمام محكمة الاستئناف ووصفت الحكم بأنه مضلل ويتجاهل الطريقة التي يختار بها المستخدمون أدواتهم بحرية
الرهان هنا كبير فبحسب أحد المحامين المطلعين على الملف
إذا خسرت جوجل هذا الاستئناف فالأمر لا يتوقف عند سوق البحث بل يمتد إلى الإعلانات الهواتف حتى نظام أندرويد نفسه
في كواليس المحاكم يعمل فريق من نخبة محامي الشركات العملاقة على تفكيك قرار المحكمة الأولى بندًا تلو الآخر بينما تتحدث التسريبات عن ضغط شديد من كبرى شركات وادي السيليكون لدعم جوجل خشية أن تكون التالية في الطابور
قصة حقيقية كيف تأثرت شركة ناشئة بسبب سيطرة جوجل؟
لنأخذ مثالًا عمليًا أحمد رائد أعمال شاب من المغرب أطلق مشروع محرك بحث محلي باللغة العربية ركّز على المحتوى الثقافي والتعليمي المشروع لاقى رواجًا أوليًا لكن سرعان ما اصطدم بجدار صلب الناس ببساطة لا يرون مشروعه لأن هواتفهم تفتح جوجل افتراضيًا وجوجل لا يترك مساحة تذكر لعرض أي بديل في نتائج البحث
يقول أحمد
حاولنا التسويق استخدمنا الإعلانات لكن الكلفة كانت باهظة والأصعب أننا كنا نحارب ضد خوارزمية لا نفهم كيف تعمل أصلًا
هذه القصة ليست فريدة بل تُظهر كيف يمكن أن تؤدي سيطرة شركة واحدة على بوابة المعلومات الرئيسية إلى خنق الابتكار
ردود الفعل بين دعم الحكومة وتخوف وادي السيليكون
ردود الفعل على استئناف جوجل جاءت متباينة بينما ترى وزارة العدل أن القرار ضروري لضمان إنترنت مفتوح يقول معارضون إن الحكومة تخاطر بتعطيل خدمات يعتمد عليها مليارات الأشخاص
في المقابل عبّر عدد من رواد الأعمال عن أملهم أن يسفر الحكم النهائي عن بيئة أكثر عدالة يقول سفيان مؤسس شركة تطوير تطبيقات في تونس
لسنوات كنا نتعامل مع متجر Play وشروطه المجحفة إذا تفككت بعض القيود سنجد مساحة أكبر للنمو
الملفت أن شركات مثل مايكروسوفت وأمازون التزمت الصمت ربما لأنها تدرك أن أي سابقة قانونية تُفرض على جوجل قد تطالها لاحقًا
ماذا لو خسرت جوجل الاستئناف؟
الخسارة لا تعني نهاية الشركة بالطبع لكنها قد تعني
- إلزام جوجل بفتح نظام أندرويد لتغيير محرك البحث بسهولة
- فرض قواعد تمنع احتكار الإعلانات الرقمية
- ربما حتى تقسيم بعض أقسام الشركة إذا تطلب الأمر
بعبارة أخرى خريطة النفوذ الرقمي قد يعاد رسمها بالكامل
ولعل التاريخ يُذكرنا بقضية مايكروسوفت في تسعينيات القرن الماضي حين أجبرتها الحكومة على كسر بعض ممارساتها في مجال المتصفحات والنتيجة؟ ولادة منافسين مثل فايرفوكس ثم كروم نفسه
خلف الكواليس كيف تستعد جوجل للدفاع؟
لا يخفى أن جوجل تحشد موارد ضخمة استثمرت ملايين الدولارات في أبحاث تبرز كيف أن المستهلكين يختارون بحرية وأطلقت سلسلة من التحديثات التي تزعم أنها تسهّل التبديل بين محركات البحث
كما بدأت بعض الإعلانات التي تروج لتجربة المستخدم على جوجل في محاولة لإعادة صياغة النقاش حول الحرية والاختيار بدلًا من الاحتكار
لكن في المقابل وثائق المحكمة مليئة بأدلة داخلية تُظهر أن جوجل سعت فعلًا لجعل التبديل صعبًا فهل تنجح في إقناع القضاة؟ الجواب لن يكون بسيطًا
بين سطور القضية معركة على من يتحكم بالوصول للمعلومة
ما يحدث الآن يتجاوز جوجل كشركة إنه صراع على من يملك بوابة الإنترنت فبينما يبدو أن المستخدم يكتب بحرية ما يشاء في مربع البحث فإن ما يظهر له وكيف وفي أي ترتيب تحدده خوارزميات مصممة لتحقيق أهداف تجارية بالأساس
القضية تفتح الباب لأسئلة عميقة
- هل من العدل أن تكون شركة واحدة هي حارس البوابة للمعلومة؟
- هل الاختيار حقيقي إذا كانت الخيارات الأخرى مدفونة؟
- من يراقب الخوارزميات؟ ومن يضمن حيادها؟
رأي شخصي هل نحتاج لكسر الهيمنة أم أننا نحارب التطور؟
كمدون ومتابع لمجال التقنية أعترف أنني أستخدم جوجل يوميًا وأعترف أكثر أنني لا أغيّره لأنه ببساطة يعمل بشكل جيد لكن في نفس الوقت أخشى من عالم تسيطر فيه شركة واحدة على المعرفة على حركة المرور وحتى على صوتي ككاتب
قد لا نحتاج إلى تفكيك جوجل لكننا بالتأكيد بحاجة إلى قواعد جديدة إلى شجاعة تشريعية وإلى بيئة تسمح للبدائل بأن تزدهر حقًا لا فقط على الورق
خلاصة الاستئناف مستمر... والنتائج قد تُغيّر شكل الإنترنت
المعركة لم تنتهِ بعد بل ربما لم تبدأ فعليًا لكن جولة الاستئناف قد تكون الحاسمة وإذا خسر عملاق البحث فإننا قد نرى مستقبلًا رقميًا مختلفًا تمامًا عمّا عرفناه في العقدين الماضيين
وربما فقط ربما سنشهد ولادة عصر جديد من التوازن بين التكنولوجيا والمساءلة
الاسالة شائعة
هل سيؤثر الحكم على خدمات مثل Gmail أو YouTube؟
لا بشكل مباشر لكن إذا توسع التحقيق فقد تُفرض قيود على كيفية دمج هذه الخدمات ضمن منظومة جوجل
هل يمكنني تغيير محرك البحث على هاتفي؟
نعم ولكن في معظم الهواتف التي تعمل بأندرويد جوجل هو الافتراضي وتغييره قد يكون معقدًا قليلًا وهذا أحد محاور النزاع في القضية
هل توجد بدائل قوية لجوجل؟
نعم مثل Bing DuckDuckGo StartPage وEcosia لكنها لا تملك نفس حجم البيانات أو الانتشار وهو ما يجعل المنافسة صعبة