بيغاسوس ضد واتساب: ليست مجرد قضية… بل صفعة رقمية في وجه الخصوصية!
![]() |
حين سمعت لأول مرة عن بيغاسوس ظننته فيلماً من أفلام التجسس لا أكثر فكرة أن برنامجاً يمكنه التسلل إلى هاتفك الذكي من دون حتى أن تفتح رسالة أو تضغط على رابط تبدو خيالية أليس كذلك؟ لكن الواقع — ويا للأسف — أكثر رعباً من الخيال
شرارة الاشتعال: كيف تسلل بيغاسوس إلى واتساب؟
في ربيع عام 2019، بدأت تظهر إشارات غريبة لدى مستخدمي واتساب. مكالمات فائتة من أرقام مجهولة، تطبيق يتعطل فجأة، وبطء غير مبرر في الهاتف. اتضح لاحقاً أن كل ذلك لم يكن مصادفة، بل كان "بيغاسوس" يتسلل بخفة عبر ثغرة أمنية في التطبيق.
إحدى الناشطات — ولنسمها "آمنة" — روت أنها كانت تتلقى اتصالات لا تفسير لها. كانت تشعر أن هاتفها "ينصت" إليها. لم تكن تعرف أن تلك المكالمات المجهولة كانت بوابةً لبرنامج قادر على رصد محادثاتها، صورها، وحتى موقعها الجغرافي.
أشعر بقشعريرة كلما قرأت عن هذه التفاصيل. كيف يمكن لخطأ تقني أو ثغرة صغيرة أن تفضي إلى كل هذا الانتهاك لحياة إنسان؟
الحكم القضائي: 167 مليون دولار... ولكن هل هذا يكفي؟
بعد معركة قانونية دامت أكثر من عامين، نجحت شركة "ميتا" في الحصول على حكم قضائي ضد شركة NSO المالكة لبرنامج بيغاسوس، بقيمة 167 مليون دولار. قد يبدو الرقم كبيراً، لكنه في رأيي المتواضع لا يساوي شيئاً أمام الخسائر الحقيقية.
أحد أصدقائي الصحفيين — وهو بالمناسبة يعمل في مجال التحقيقات — اضطر إلى تغيير هاتفه ورقمه مرات عديدة بعد أن بدأ يشعر أن معلوماته تتسرب دون تفسير. لقد فقد مصادر مهمة، واضطر لإعادة بناء شبكة علاقاته من الصفر. المال لا يعوض مثل هذه الضربات.
ماذا عنّا نحن؟ دروس مستفادة قد تنقذ خصوصيتك
لسنا جميعاً ناشطين أو صحفيين، ولكننا جميعاً أهداف محتملة. وهذه بعض الدروس التي تعلمتها — بشق الأنفس أحياناً:
- لا تستهِن بأي تحديث يصدر لتطبيقاتك. الثغرة التي استغلها بيغاسوس كانت في نسخة قديمة من واتساب.
- تجاهَل المكالمات الغريبة، خاصة تلك التي تنقطع فجأة.
- فعّل المصادقة الثنائية في كل حساب تملكه، حتى لو شعرت أنها مزعجة.
هل تحميك هذه الإجراءات 100%؟ بالطبع لا. لكنّها على الأقل تعرقل الطريق أمام المتسللين.
رأيي بصراحة؟ الخصوصية تُهزم يومياً
لنكن واقعيين، نحن نخوض حرباً خاسرة ضد برامج التجسس. في كل مرة نُغلق فيها ثغرة، تظهر أخرى. وكأننا نطارد سراباً. المشهد برأيي يتجاوز حدود التقنية. هناك أبعاد سياسية، اقتصادية، وربما حتى أيديولوجية.
لا أبالغ إن قلت إنني أصبحت لا أطمئن لأي جهاز إلكتروني. كل رسالة، كل مكالمة، كل تطبيق... بات يثير الشك. هذا ليس جنوناً، بل هو شعور متزايد بأننا مكشوفون بالكامل أمام من لا نعرفهم.
خاتمة شخصية: المعركة مستمرة… ولا أحد في مأمن
حكم المحكمة ضد NSO ليس نهاية القصة. بل هو بالكاد فصلها الأول. من المؤلم أن نعيش في عالم تصبح فيه "الخصوصية" رفاهية لا يملكها إلا القليل. لكنني أؤمن أن الوعي هو أول أسلحتنا.
نصيحتي لك:
- لا تكن ساذجاً. افترض دائماً أن جهازك يمكن اختراقه، وتعامل مع خصوصيتك كما تتعامل مع منزلك: لا تفتح الأبواب لمن لا تعرفهم.
في هذا العالم الرقمي قد تكون آخر معاقل حريتك هي تلك اللحظات التي تختار فيها ألا تضغط على زر.
الاسالة شائعة
كيف يمكنني حماية خصوصيتي من برامج التجسس؟
أفضل طريقة لحماية خصوصيتك هي تحديث التطبيقات بشكل دوري، تفعيل المصادقة الثنائية، وعدم الاستجابة للمكالمات الغريبة.
هل يمكن لبرامج التجسس اختراق جميع الهواتف؟
نعم، يمكن لبعض برامج التجسس اختراق الهواتف الذكية باستخدام ثغرات في النظام أو التطبيقات المثبتة.
هل يمكنني معرفة إذا كان جهازى مُخترقًا؟
قد تظهر بعض العلامات مثل بطء غير مبرر في الهاتف أو استهلاك غير طبيعي للبطارية، لكن من الأفضل استخدام تطبيقات لمراقبة الأمان بشكل منتظم.
ما هو برنامج بيغاسوس؟
بيغاسوس هو برنامج تجسس تم تطويره من قبل شركة NSO، يمكنه التسلل إلى الهواتف الذكية عبر ثغرات أمنية في التطبيقات مثل واتساب.
ماذا أفعل إذا اكتشفت أن هاتفي مخترق؟
في حال اكتشافك اختراق الهاتف، يجب عليك فورًا تغيير كلمات السر، تحديث نظام التشغيل، وفحص الهاتف باستخدام أدوات الأمان المتخصصة.